الطماطم في النقرس: هل هذا ممكن أم لا؟

باعتبارها عضوًا كاملًا في عائلة الباذنجانيات، تُعدّ الطماطم من المنتجات النباتية الشائعة التي تُثير جدلًا واسعًا. والنقطة الرئيسية في النقاشات الطبية والغذائية هي إمكانية تناول الطماطم مع النقرس.

وحتى يصل الباحثون إلى إجماع ويجيبوا على هذا السؤال بشكل لا لبس فيه (إن كان ذلك ممكنا!)، فإننا لا نملك إلا أن نعرض وجهات النظر المختلفة وحجج أولئك الذين يعبرون عنها.

يمكنك تناول الطماطم إذا كنت تعاني من النقرس: الحجج الرئيسية

يزعم العديد من خبراء التغذية أن تناول الطماطم لعلاج النقرس يُقلل من حموضة البول. لماذا هذا ضروري؟

عندما يرتفع مستوى حمض اليوريك في الدم - وهو ناتج عن دورة النيتروجين البيولوجية ودورة اليوريا في الجسم - يمكن التخلص منه عن طريق الكلى العاملة بشكل طبيعي. ولكن لتحقيق ذلك، يجب أن يكون مستوى حموضة الدم طبيعيًا (درجة الحموضة 7.34-7.45). أحد أسباب احتباس حمض اليوريك في الدم وترسب بلوراته غير القابلة للذوبان في المفاصل - النقرس - هو زيادة حموضة الدم (اختلال توازن الأحماض والقواعد). ولإعادة هذا المؤشر إلى مستواه الطبيعي، يُنصح بتناول أطعمة ذات خصائص قلوية - الخضراوات والفواكه والتوت، التي تحتوي على أحماض عضوية.

الطماطم غنية بالأحماض، بما في ذلك الأحماض الكربوكسيلية (الستريك، الماليك، الطرطريك، الأكساليك، السكسينيك، الفوماريك)، والهيدروكسي أسيتيك (الجليكوليك)، والأوكسوهكسانويك (الجالاكتورونيك)، والهيدروكسي سيناميك (الكافيين، الفيروليك، والكوماريك).

يتحقق التأثير القلوي الذي تُحدثه الطماطم في حالة النقرس عن طريق معادلة الأحماض العضوية في المعدة بإفراز قلوي تُنتجه غدد الجزء البوابي. يتكون هذا الإفراز من البيكربونات (أملاح البيكربونات)، والكلوريدات، والكبريتات، وغيرها. نتيجةً لهذه التفاعلات، تُطلق الأحماض أيونات موجبة الشحنة (كاتيونات)، وكما هو معروف في علم وظائف الأعضاء، فإن هذه الكاتيونات هي التي تُكوّن بيئة قلوية.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تكون أحماض الهيدروكسي سيناميك المذكورة سابقًا مفيدة أيضًا لمرض النقرس. أولًا، لخصائصها المضادة للأكسدة التي تحمي الجسم من آثار الجذور الحرة. ثانيًا، هذه الأحماض العضوية هي مركبات فينيل بروبين، ويشير وجود المجموعة الفينولية فيها إلى قدرتها على تقليل الالتهاب، وذلك عن طريق تثبيط إنتاج الإنزيمات اللازمة لتنشيط الاستجابة الالتهابية.

يُعتقد أن التأثير المضاد للالتهابات للطماطم خلال نوبات النقرس يمكن تعزيزه بالليكوبين، وهو صبغة حمراء، وهو متزامر بيتا كاروتين ذو قدرة كبيرة على مقاومة الأكسدة. يحتوي كل 100 غرام من الطماطم على 2.57 ملغ من الليكوبين. ومع ذلك، لا يُمتص، مثل جميع الكاروتينات، إلا بوجود الدهون.

لا ينصح بتناول الطماطم عند الإصابة بالنقرس: الأسباب الرئيسية

بالمناسبة، النظام الغذائي لمرض النقرس (رقم 6)، والموصى به أيضًا لارتفاع مستوى اليورات والأكسالات في البول وحصوات الكلى بحمض اليوريك، لا يتضمن أي إشارة إلى ضرورة تجنب تناول الطماطم مع النقرس. من بين المنتجات النباتية، يُنصح باستبعاد السبانخ والحميض والبقوليات. ويُنصح بالحد من تناول الطماطم والباذنجان والفلفل الأخضر والبقدونس (الخضار الورقية)، بالإضافة إلى القرنبيط والتوت البري والتوت.

يعتقد بعض الناس أن الباذنجانيات - البطاطس والباذنجان والفلفل والطماطم - تزيد من الالتهاب وآلام المفاصل، ولكن لم تكن هناك أي دراسات جادة حول هذا الأمر.

على سبيل المثال، في صيف عام ٢٠١٥، أجرى باحثون من جامعة أوتاغو (نيوزيلندا) استطلاعًا لرأي السكان المحليين الذين يعانون من النقرس حول المنتجات التي تُسبب نوبات الألم. وقد استجاب أكثر من ألفي شخص بقليل. واحتلت الطماطم المرتبة الرابعة (بعد الكحول والمأكولات البحرية واللحوم الحمراء) في قائمة أكثر الأطعمة التي تُسبب النقرس. ويشير أطباء الروماتيزم إلى أن تناول الطماطم قد يُسبب نوبات النقرس بسبب زيادة حمض اليوريك في مصل الدم. ولم يكن لدى سكان نيوزيلندا الأصليين - الماوري - أي فكرة عن هذا المرض قبل مئة عام. أما الآن، فتتراوح نسبة الإصابة بالنقرس بين الماوري ورجال جزر المحيط الهادئ بين ١٠٪ و١٥٪.

ويشير العلماء إلى أن السبب قد يكون حمض الجلوتاميك الموجود في الطماطم على شكل ملح أحادي الصوديوم - الجلوتامات، وهو مصدر للنيتروجين في تركيب البيورينات، ويصبح فائضه محفزًا لإنتاج أملاح حمض البوليك.

ولذلك قرر قسم البحوث الكيميائية الحيوية بجامعة نيوزيلندا أن هناك حاجة إلى إجراء المزيد من الأبحاث لتحديد ما إذا كان ينبغي إضافة الطماطم إلى قائمة المستبعدات الغذائية لمرض النقرس.

الطماطم لعلاج النقرس - جزء من نظام غذائي متوازن

بناءً على كل ما ذُكر سابقًا، فإن اتباع نظام غذائي قائم على الطماطم لعلاج النقرس، كما تعلم، أمرٌ مستحيل. والنصائح المتداولة على الإنترنت حول ضمان انخفاضٍ مُستقرٍّ لمستوى حمض اليوريك في الدم بتناول حساء جازباتشو الطماطم يوميًا (طماطم طازجة، خيار، فلفل أخضر، بصل، وثوم مفروم في الخلاط مع إضافة خل النبيذ وزيت الزيتون) هي مجرد هراء.

على الرغم من أن الطماطم غنية بالفيتامينات والمعادن، ومناسبة لمعظم مرضى النقرس، إلا أنه ينبغي تناولها كجزء من نظام غذائي متوازن. إضافةً إلى ذلك، تحتوي الطماطم على 94% ماء، مما يجعلها مُدِرًّا ممتازًا للبول، مما يُؤثر إيجابًا على وظائف الكلى.

لذا إذا كنت تشك في أن الطماطم أو الأطعمة الأخرى تؤدي إلى تفاقم الأعراض لديك، فاتبع النهج المعقول: فقط لا تدرجها في نظامك الغذائي.

نأمل أن يكون فهمكم للطماطم وخصائصها قد اتسع. ولمن يعاني من النقرس، عليه أن يأخذ المعلومات الواردة في الاعتبار ويقرر: هل يجب عليه تناول الطماطم لعلاج النقرس؟