أعراض انقطاع الطمث بعد استئصال الرحم

أصبح التدخل الجراحي الجذري لاستئصال الرحم (بتر الرحم) شائعًا جدًا. تشير الإحصائيات إلى أن حوالي ثلث النساء فوق سن الخامسة والأربعين خضعن لهذه العملية بدرجات متفاوتة.

تبدأ العديد من النساء بعد استئصال الرحم بأعراض بداية انقطاع الطمث. فغياب الرحم وحده يحرم المبايض من تدفق الدم الرئيسي من فروع الشريان الرحمي، ويؤدي نقص إمداد الدم تدريجيًا إلى ضمور الأعضاء. ووفقًا للملاحظات، حتى في حالات استئصال الرحم وحده، تحدث فترة انقطاع الطمث لدى النساء اللواتي خضعن للجراحة لهذا السبب قبل خمس إلى سبع سنوات من موعدهن الطبيعي. وبعد استئصال الرحم والمبايض، وهو إجراء أقل شيوعًا، تظهر أولى علامات ما يسمى بانقطاع الطمث الجراحي تقريبًا في الأيام الأولى بعد العملية.

عادةً ما يكون انقطاع الطمث الجراحي أشد وطأة من انقطاع الطمث الطبيعي، حيث تتوقف المبايض تدريجيًا عن العمل. وتشعر المريضات في سن الخصوبة بالتغيرات الجذرية في مستويات الهرمونات الناتجة عن التوقف المفاجئ لإنتاج الهرمونات. وبغض النظر عن حجم الجراحة، ينخفض مستوى الهرمونات الجنسية بشكل ملحوظ في اليوم التالي لبتر عضو تناسلي واحد أو أكثر. وبعد الاستئصال الثنائي للمبيضين والرحم، وفي ظل نقص حاد في هرمون الإستروجين، تُصاب المريضات بمتلازمة ما بعد استئصال المبيضين، وهي مزيج من الأمراض النفسية العصبية، وأمراض الجهاز الهضمي الوعائي، وأمراض الغدد الصماء الأيضية.

تعتمد شدة أعراض انقطاع الطمث على حالة جسم الأنثى ومجموعة من الأمراض المصاحبة. ويُعتقد أن استئصال الرحم والمبيض بالكامل غير مناسب للنساء الأصحاء تمامًا، ولذلك فإن الغالبية العظمى من النساء اللاتي يخضعن للجراحة يعانين من انقطاع الطمث الجراحي بصعوبة.

أول وأبرز أعراض انقطاع الطمث هو الهبات الساخنة. يحدث انقطاع الطمث الجراحي فورًا، لذا تكون أعراضه أكثر وضوحًا وشدةً. تتجلى الهبات الساخنة بارتفاع مفاجئ في درجة حرارة الجزء العلوي من الجسم وتعرق شديد، وعادةً ما يصاحبها احمرار في جلد الوجه والرقبة. وغالبًا ما يصاحب ذلك ارتفاع في ضغط الدم. تهدأ الحمى بسرعة كبيرة وتحل محلها قشعريرة. يمكن أن تحدث الهبات الساخنة حتى 50 مرة في اليوم. غالبًا ما تستيقظ النساء ليلًا في فراش مبلل بالعرق، ويضطررن إلى تغيير ملابسهن وأغطية أسرّتهن بالكامل. يمكن أن تستمر هذه الحالة من ثلاث إلى خمس سنوات. فقط خُمس النساء يتمكنّ من التخلص من الهبات الساخنة والتعرق الليلي بسرعة كافية - في غضون عام. تتجلى اضطرابات الجهاز العصبي اللاإرادي بآلام تشبه الصداع النصفي، ودوخة، وسرعة في ضربات القلب، وخدر في الأطراف. تشكو أكثر من نصف النساء اللاتي خضعن للجراحة من أعراض مماثلة.

تساهم التغيرات الهرمونية في ظهور التعب وانخفاض الأداء. لا تنتج المبايض الهرمونات الجنسية الأنثوية فحسب، بل تنتج أيضًا الأندروجينات. ويزيد نقصها من أعراض انقطاع الطمث الجراحي.

جميع الأعراض المذكورة لا بد أن تؤثر على الحالة النفسية والعاطفية. تتجلى التغيرات النفسية في زيادة الإثارة والانفعال والبكاء. ويضطرب نوم المرأة وشهيتها ورغبتها الجنسية، وتشعر بانعدام الأمن في نفسها ومستقبلها، والقلق، والشعور بالفراغ. وغالبًا ما تتفاقم هذه الحالة باضطرابات اكتئابية حادة.

غالبًا ما تُسبب التغيرات الهرمونية جفافًا وحكة مهبلية ، وهو أحد أعراض نقص هرمون الإستروجين، مما يؤدي إلى نقص ترطيب الغشاء المخاطي وانخفاض سماكته. ويصاحب الجماع أحاسيس مؤلمة، مما قد يزيد من تفاقم حالة الاكتئاب لدى المرأة.

يؤثر نقص الإستروجين على القدرات الإدراكية، مما يؤثر سلبًا على الذاكرة والقدرة على التعلم. كما يتفاقم القلق والخوف والأرق والانفعال بسبب النسيان والارتباك.

تظهر تغيرات أخرى في الجسم لاحقًا. لا تُلاحظ أعراضها فورًا، ولكن في معظم الحالات، مع انقطاع الطمث الجراحي، لا تتأخر التغيرات الأيضية، مما يؤدي إلى نقص إنتاج وامتصاص الكالسيوم في أنسجة العظام. تحدث هذه التغيرات بسرعة كبيرة بعد الجراحة، وفي غضون عام تصبح العظام أكثر هشاشة. ووفقًا للدراسات، يمكن أن يصل فقدان العظام خلال السنة الأولى بعد الجراحة إلى 17%. تزيد هشاشة العظام من احتمالية الإصابة بالكسور، لذلك يُوصف للمرضى علاج وقائي بالكالسيوم وفيتامين د بعد الجراحة.

يؤثر نقص الهرمونات الجنسية الأنثوية على عمل الجهاز القلبي الوعائي، مما يزيد من خطر الإصابة بتصلب الشرايين والنوبات القلبية والسكتة الدماغية.

قد تبدأ مشاكل في الأعضاء البولية، حيث يعاني أكثر من نصف المرضى الذين تمت إزالة أعضائهم التناسلية من سلس البول، والتبول المؤلم، والأمراض المعدية والالتهابية المتكررة في المسالك البولية،

يؤثر نقص هرمون الإستروجين أيضًا على مظهر المرأة. يتناقص إنتاج الكولاجين والإيلاستين الطبيعيين، ويصبح ترطيب البشرة غير كافٍ، وتظهر التجاعيد، وتتدهور جودة الشعر والأظافر - فتصبح هشة وباهتة.

يُشير بدء انقطاع الطمث إلى بداية عملية الشيخوخة في الجسم، ويؤدي دخول جسم الأنثى المفاجئ والمصطنع في هذه العملية إلى تفاقم أعراضها المزعجة. لتعويض النقص الهرموني وتخفيف أعراض انقطاع الطمث الجراحي، يُنصح النساء بالعلاج الهرموني التعويضي.

[ 1 ]