المواد الكيميائية التي تم ابتكارها منذ 100 عام مضت قد كافأت الإنسان الحديث بالإجهاد

ربما يعود ازدياد حساسية الإنسان المعاصر للتوتر إلى مواد كيميائية معينة تعرض لها أجدادنا. وقد أظهر العلماء أن آثار المواد الكيميائية يمكن أن تنتقل عبر آليات وراثية عبر ثلاثة أجيال.

أجرى باحثون من جامعتي تكساس وواشنطن (كلاهما في الولايات المتحدة) اختبارًا لمعرفة مدى تأثير المواد الكيميائية على نشاط أدمغة الحيوانات عبر الأجيال. ولتحقيق ذلك، عالجوا فئرانًا حاملًا بالفينكلوزولين، وهو مبيد فطريات شائع الاستخدام في الزراعة. تجدر الإشارة إلى أن العلم يدرك بالفعل تأثيره على الجهاز الهرموني وقدرته على التأثير على جينات الأبناء من خلال الآباء. وقد سبق للفريق نفسه من العلماء أن أظهر كيف يمكن لهذا المبيد الفطري أن يؤثر على نشاط الجينات في الأجيال اللاحقة من خلال آليات التخلق الجيني.

هذه المرة، بعد معالجة الفئران بالفينكلوزولين، انتظر الباحثون ظهور الجيل الثالث، حيث أجروا معهم عدة تجارب سلوكية. في مقال نُشر في مجلة الأكاديمية الوطنية للعلوم، أفاد العلماء أن هذه الحيوانات كانت أكثر حساسية للتوتر وأظهرت سلوكًا قلقًا وسواسيًا. وبالتالي، كانت مناطق التوتر في الدماغ لديها أكثر نشاطًا، مقارنةً بالأفراد الذين لم يتعرض آباؤهم لهذه المادة الكيميائية.

بمعنى آخر، يمكن للتغيرات الجينية التي يسببها مبيد الفطريات أن تؤثر على الفسيولوجيا العصبية للجسم. وبهذا المعنى، نجح العلماء في ربط المستوى الجزيئي بالمستوى الفسيولوجي، موضحين أن تأثير المادة يستلزم تغييرات محددة في الفسيولوجيا والسلوك. يشير مؤلفو البحث إلى أن الجيل الحالي هو الجيل الثالث منذ أن أحدث تطور الكيمياء ثورة حقيقية في العالم الحديث. وفي هذا الصدد، يقترحون التفكير في سبب اعتمادنا الشديد على التوتر. صحيح أن العالم يزداد تعقيدًا وسرعة، والبيئة تتدهور، إلخ. ولكن ألا يوجد أيضًا ضعف في حواجز مقاومة التوتر لدى الإنسان، وهل لم يكن هذا الضعف متأصلًا فينا قبل ثلاثة أجيال؟

وفقاً للعلماء، قد يحدث الشيء نفسه أيضاً في حالات الاضطرابات النفسية العصبية المختلفة، التي يزخر بها عصرنا. بالطبع، أصبح تشخيص التوحد نفسه أفضل الآن. ولكن من المحتمل أن يكون الارتفاع الكبير في معدل الإصابة بهذا المرض مرتبطاً بمواد كيميائية معينة تعرض لها أجدادنا - حتى قبل أن يتعلم الأطباء وعلماء الأحياء تقييم الضرر الناجم عن أحدث إنجازات الكيمياء التطبيقية.