هل من الممكن العيش بدون دماغ؟

هزّت الأنباء الأخيرة من جامعة سالك، والتي تفيد بتمكن مجموعة من الباحثين من تخليق خلايا دماغية بشرية في المختبر، الأوساط العلمية، إلا أن بعض الخبراء لا يزالون يطرحون السؤال التالي: هل الدماغ مهم للإنسان كما يُعتقد؟ نشأ هذا السؤال بعد أن علمت الأوساط العلمية برجل فرنسي استثنائي، كان يعتبر نفسه طبيعيًا تمامًا، يعيش ويعمل موظفًا حكوميًا، ويربي أطفالًا، ولا يختلف عن معظم أقرانه حتى اكتشف أنه لا يمتلك دماغًا تقريبًا. وقد كُشفت غرابة هذا الرجل الفرنسي بالصدفة تمامًا خلال فحص روتيني، يُوصف غالبًا في المستشفى.

اكتشف ماثيو تفرده في سن الرابعة والأربعين، عندما ذهب لرؤية الطبيب يشكو من آلام في ساقيه، والتي استمرت لأكثر من 10 أيام.

في ذلك الوقت، لم يكشف الفحص ولا تشخيص ساقي المريض عن أي أمراض. ثم وصف الأطباء فحصًا شاملًا، وبعد فحص دماغ ماتيو، صُدم الأطباء، على أقل تقدير، إذ تبين أن حجم دماغ المريض صغير جدًا لدرجة أنهم لم يفحصوه في البداية.

وكشف الفحص الإضافي للمريض غير العادي أن غياب الدماغ كان بسبب امتلاء الجمجمة بالسائل النخاعي، ولم يتبق سوى جزء من المادة الرمادية.

أصيب ماثيو بزيادة في السائل النخاعي بعد أن عانى من استسقاء الرأس (تراكم السوائل في الدماغ) عندما كان طفلاً.

ولكن عندما بلغ ماثيو 44 عاماً، ذكّره المرض بنفسه من خلال الألم في ساقيه، ويحاول الأطباء منذ 8 سنوات إيجاد طريقة لعلاج هذا المريض غير العادي.

لفترة طويلة، لم يتمكن الخبراء من فهم كيف يمكن للإنسان أن يعيش بدماغ بهذا الحجم.

أظهر فحص المريض الفريد أن حالته العقلية والعصبية طبيعية، ولم يُعانِ من أي مشاكل صحية خطيرة طوال حياته. وأظهرت الأبحاث النفسية العصبية أن الفرنسي يعاني من انخفاض طفيف في مستوى الذكاء (75، بينما المعدل الطبيعي هو 85)، إلا أن هذا لم يؤثر على حياة ماثيو وعمله. كما أن الفرنسي الفريد لديه طفلان، وهو متزوج منذ سنوات طويلة، بينما يتمتع أطفاله بدماغ طبيعي ويتطورون وفقًا لأعمارهم، لذا استبعد الخبراء وجود عامل وراثي.

ويشير العلماء إلى أن ماثيو نفسه والعلماء ما كانوا ليعرفوا بهذا الأمر على الإطلاق لولا الألم الذي كان يعانيه الفرنسي في ساقه عندما جاء إلى المستشفى.

بينما يُحسم أمر أهمية الدماغ للإنسان، يواصل متخصصون من مختلف البلدان دراسة هذا العضو الفريد. في أوهايو، تمكّن فريق من العلماء من إنشاء نموذج مُشابه لدماغ جنين بشري عمره خمسة أشهر في المختبر، ويُعتبر النموذج الأكثر اكتمالًا (في السابق، كان من الممكن إنشاء بعض المناطق فقط، وليس العضو بأكمله).

وتعتبر مثل هذه التطورات مهمة للغاية بالنسبة للباحثين، لأنها سوف تسمح لنا بفهم العلاقات بشكل أفضل وتحديد أسباب تطور بعض الأمراض، مثل الزهايمر، والتي، للأسف، لا يستطيع الطب الحديث علاجها.

[ 1 ]، [ 2 ]