أثر فردي من الجراثيم يتركه كل شخص

اكتشف العلماء مؤخرًا أن البكتيريا لا تعيش على جسم الإنسان أو داخله فحسب، بل تُحيط به أيضًا بسحابة غير مرئية. ووجدوا أيضًا أن لكل شخص مجموعته الخاصة من البكتيريا، وأن آثارها تبقى في الهواء لعدة ساعات بعد رحيل الشخص.

البكتيريا ، النافعة والضارة، على تماس دائم مع الإنسان، تعيش داخل جسمه وعلى سطحه، وجميعها بالغة الأهمية للصحة وتؤدي وظائف محددة. بفضل البكتيريا، يُضمن الأداء الطبيعي للجهاز الهضمي، ويُعزز الدفاع المناعي للجسم.

قبل ثماني سنوات، أُطلق مشروع الميكروبيوم البشري في الولايات المتحدة الأمريكية لدراسة البكتيريا التي تعيش مع البشر بشكل معمق. شمل المشروع 200 شخص سليم، أخذ منهم العلماء عينات من الكائنات الدقيقة من مختلف أجزاء الجسم والأعضاء الداخلية.

تبيّن أن الإنسان يحمل أكثر من عشرة آلاف نوع من البكتيريا، معظمها نافع أو غير ضار. لكن البكتيريا المسببة للأمراض تلامس جسم الإنسان أيضًا، فعلى سبيل المثال، وُجدت المكورات العنقودية الذهبية في تجويف الأنف، والتي تُسبب، عند ضعف الجهاز المناعي، التهابًا رئويًا ثنائي الجانب (وُجد لدى 30% من المشاركين).

قبل ست سنوات، وضع العلماء خريطةً لموائل الكائنات الدقيقة في جسم الإنسان. وأظهر هذا العمل أن أكبر عدد من البكتيريا يعيش في تجويف الأنف، وقنوات الأذن، والشعر، والأمعاء الغليظة، والقدمين، وراحة اليد، بينما يعيش أقل عدد منها في تجويف الفم.

قرر متخصصون أمريكيون من جامعة أوريجون تحديد ما إذا كانت البكتيريا تعيش حول البشر.

قبل عدة سنوات، أجرى جيمس ميدو وزملاؤه تجربتين شملتا 11 شخصًا (تتراوح أعمارهم بين 20 و32 عامًا) لا يعانون من أي أمراض مزمنة. مُنع المشاركون من تناول الأدوية لمدة 4 أشهر قبل بدء التجربة.

أثناء التجارب، كان على المشاركين التواجد في غرفة جيدة التهوية (في الحالة الأولى، كان الهواء يأتي من الغرفة المجاورة، وفي الحالة الثانية - من الشارع، بينما كان الهواء يمر عبر أنظمة تنقية صغيرة).

في الحالة الأولى، جلس كل مشارك في الغرفة لمدة أربع ساعات، ثم غادرها لفترة وجيزة وعاد إليها لمدة ساعتين. أما في الحالة الثانية، فقد سُمح للمشاركين بدخول الغرفة لمدة ساعة ونصف ثلاث مرات.

بعد كل خروج من الغرفة، أُخذت عينات من الهواء، بالإضافة إلى الغبار من الأسطح والجدران والطاولات والكراسي، وغيرها (دخل المتخصصون الغرفة بملابس معقمة خاصة). في المجموع، أُخذت أكثر من 300 عينة، تم خلالها تحديد آلاف البكتيريا بتركيبات متنوعة (أكثر من 14 مليون نوع).

في الحالة الأولى، أراد العلماء معرفة ما إذا كانت هناك كائنات دقيقة حول الشخص وما إذا كانت تبقى في الهواء.

تبيّن أن كل شخص لديه مجموعة بكتيريا خاصة به بقيت في الغرفة جيدة التهوية لمدة 4 ساعات بعد مغادرة "المضيف" لها. تتكون السحابة الميكروبية بشكل رئيسي من العصيات اللبنية، والعصيات اللبنية، والببتوستربتوكوكس، والعقديات، والبيفيدوباكتيريا، والمكورات العنقودية.

وجد العلماء أيضًا أنه يمكن استخدام آثار البكتيريا لتحديد الجنس، على سبيل المثال، عُثر على عدد كبير من العصيات اللبنية في السحابة الميكروبية الأنثوية. دفعت نتائج التجربة الأولى العلماء إلى إجراء تجربة ثانية، حيث أرادوا تحديد مدى تميز السحابة المحيطة بشخص ما.

بعد التجربة الثانية، حدد العلماء بدقة الأثر الذي تركه كل مشارك. وفي الوقت نفسه، أكدوا أن البكتيريا نفسها تحيط بجميع الناس، لكن نسبة هذه البكتيريا تختلف من شخص لآخر.

وأشار جيمس ميدو إلى أنه عندما بدأوا التجارب، افترضوا أن هناك ميكروبات حول شخص ما، ولكن حقيقة أن مثل هذا الأثر يمكن استخدامه لتحديد هوية الشخص كانت مفاجأة كاملة.

ويثق الخبراء في أن هذا العمل سيكون مفيدًا ليس فقط من وجهة نظر طبية، بل قد يساعد علماء الطب الشرعي في المستقبل أيضًا.

والآن أصبح من المؤكد أن الأبحاث بحاجة إلى أن تستمر، لأن هناك شكوكاً حول ما إذا كان من الممكن تحديد الأثر الميكروبي لشخص معين إذا كان هناك عدة أشخاص في الغرفة.

[ 1 ]، [ 2 ]، [ 3 ]