ستساعد الدراسة في تطوير علاجات لتحسين وظائف الرئة لدى الأجنة الذين يعانون من تأخر النمو

إذا نما الجنين دون المعدلات الطبيعية أثناء الحمل، يزداد خطر عدم نمو بعض أعضائه بشكل سليم مع كل أسبوع من الحمل، مما قد يؤثر سلبًا على صحة الطفل بعد الولادة. وقد خضعت الآثار طويلة المدى لتقييد نمو الجنين على نمو الدماغ والقلب والأوعية الدموية لدراسات عديدة، إلا أن البيانات العلمية حول آثاره على الرئتين لا تزال محدودة.

كان هذا موضوع دراسة مشتركة أجراها مركز أبحاث طب الأجنة BCNatal (عيادة برشلونة ومستشفيات سانت جوان دي ديو) وجامعة بومبيو فابرا (UPF)، حيث حددت الدراسة اختلافات في نمو الرئة بين الأجنة محدودة النمو والأجنة الطبيعية من حيث مقاومتها الوعائية. درس الباحثون ذلك من خلال قياس سرعة تدفق الدم لدى الجنين وتحليل هذه البيانات باستخدام أساليب الذكاء الاصطناعي والنماذج الحاسوبية.

وتفتح النتائج، التي نشرت مؤخرا في ورقة بحثية في مجلة التقارير العلمية ، المجال أمام إمكانية تطوير علاجات تهدف إلى تحسين نمو الرئة في الأجنة ذات النمو المحدود ومنع مشاكل الجهاز التنفسي التي يمكن أن تستمر ليس فقط في مرحلة الطفولة ولكن أيضا في مرحلة المراهقة والبلوغ.

الباحثان الرئيسيان في هذه الدراسة هما فاطمة كريسبيل، باحثة في BCNatal وClínic-IDIBAPS ضمن مجموعة طب الجنين والفترة المحيطة بالولادة، وبارت بيجينينز (ICREA، UPF)، باحث في وحدة BCN MedTech في قسم هندسة UPF. ينتمي الباحثون الآخرون إلى خدمات ومجموعات بحثية مختلفة في Clínic-IDIBAPS، ويرتبطون أيضًا بجامعة برشلونة ومركز CIBER للأمراض التنفسية والنادرة.

شملت الدراسة أكثر من 200 امرأة حامل. حلل الباحثون تدفق دم الجنين وتغيراته مع زيادة الأكسجين لدى 208 نساء حوامل بين الأسبوعين 24 و37 من الحمل. خضعت جميع النساء للفحص في مستشفى كلينيك ببرشلونة، حيث خضعن لجميع الفحوصات اللازمة للدراسة.

في 97 من هذه الحالات، عانت الأجنة من تأخر نمو محدود، مما أدى إلى انخفاض شديد في وزن الولادة. أما الأجنة الـ 111 المتبقية، فقد نمت بشكل طبيعي. في كل من هذه الأجنة، قيست سرعة تدفق الدم في الشرايين الرئيسية والأوعية الرئوية، ثم قورنت باستخدام الذكاء الاصطناعي. بالإضافة إلى ذلك، حُسبت مقاومة الرئتين باستخدام نموذج حاسوبي.

صور دوبلر توضيحية للشريان الرئوي الرئيسي والشريان الرئوي الداخلي للجنين. المصدر: فيلفي، ك.، غارسيا-كاناديلا، ب.، نوغيرا، م.، وآخرون.

تم تحليل سرعة تدفق دم رئة الجنين في ظل ظروف تنفس الأم الطبيعية، وبعد إعطاء الأكسجين الإضافي عبر قناع (ظروف فرط الأكسجين). أُجري هذا التحليل باستخدام تقنية تعتمد على إرسال موجات فوق صوتية إلى الجنين لتقدير سرعة تدفق الدم في جميع أنحاء دورته الدموية، استنادًا إلى مبادئ دوبلر.

في المقابل، لا يمكن قياس مقاومة أعضاء مثل الرئتين مباشرةً باستخدام الموجات فوق الصوتية، وقد استُخدم نموذج حاسوبي يُمثل القلب والأوعية الدموية لقياسها. وللمقارنة، يُمكن مقارنة هذا النموذج الحاسوبي بمحاكاة دائرة إلكترونية. أعاد الباحثون إنشاء نسخة حاسوبية من الجهاز الوعائي للجنين، وباستخدام معدلات تدفق الدم المقاسة ونمذجة معايير أخرى، تمكنوا من تقدير مقاومة ومرونة مختلف الأعضاء.

وأخيرا، تم استخدام أساليب التعلم الآلي المعتمدة على تقنيات الذكاء الاصطناعي لمقارنة أنماط تدفق الدم لدى الأجنة، مما ساعد على تجميعها في فئات مختلفة وفقا لمعايير التدفق والمؤشرات السريرية.

وبعد ذلك، أظهر فحص آثار فرط الأكسجين أنه كان مرتبطًا بتغيرات في مقاومة الرئة نتيجة للأكسجين الإضافي المقدم للأم، وتبين أن المزيد من الأكسجين يحسن تدفق الدم الرئوي في الأجنة المقيدة النمو دون التأثير على الأجنة الطبيعية.

"في الأساس، تظهر نتائج الدراسة أن الأجنة المقيدة بالنمو لديها متوسط سرعة تدفق دم مختلف بالإضافة إلى مقاومة وعائية في الرئتين مقارنة بالأجنة الطبيعية، ويمكن تطبيع ذلك من خلال تزويد الأم بالأكسجين الإضافي"، كما يوضح بيجنينز (ICREA، UPF).

"إن اكتشاف هذه الاختلافات في الأوعية الرئوية يفتح المجال لتطوير استراتيجيات علاجية مستقبلية لتحسين وظائف الرئة لدى الأجنة التي تعاني من تأخر النمو. بعد الولادة، قد تقلل هذه التحسينات في نمو الجنين من خطر الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي في مراحل لاحقة من الحياة"، يوضح الدكتور كريسبيوس (BCNatal، Clínic).