إيجاد طريقة لجعل الأسمنت أقوى وتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري

بعد تحليل التركيب الجزيئي للمادة، يمكن للخبراء استخلاص صيغة جديدة من شأنها أن تساعد في تغيير خصائص المادة، وكذلك التأثير على كمية الغازات المسببة للاحتباس الحراري المنبعثة في الغلاف الجوي.

في البناء، المادة الأكثر شيوعا هي الخرسانة، والتي هي أيضا واحدة من المساهمين الرئيسيين في ظاهرة الاحتباس الحراري، حيث تنتج 1/10 من الغازات الدفيئة المنبعثة في الغلاف الجوي.

أتاحت دراسة حديثة أجراها خبراء للعلماء تطوير تقنية جديدة من شأنها أن تقلل انبعاثات الغازات الدفيئة بشكل كبير (بنحو النصف).

بالإضافة إلى ذلك، وبعد إجراء تحليل جزيئي معقد لبنية الخرسانة، توصل الخبراء إلى إمكانية جعلها أكثر متانة ومقاومة للتلف. تُصنع الخرسانة من الرمل والماء والأسمنت، ويُستخدم في إنتاجها خليط من نوعين من المواد: أحدهما مُخصب بالكالسيوم (عادةً ما يكون الحجر الجيري)، والآخر بالسيليكون (عادةً ما يكون الطين). عند تسخين الخليط إلى 1500 درجة مئوية، تتكون كتلة صلبة تُسمى الكلنكر. وتُطلق معظم انبعاثات غازات الدفيئة في الغلاف الجوي أثناء إنتاج مواد البناء (أثناء التسخين وإزالة الكربون).

عند تحليل البنية، توصل العلماء إلى استنتاج مفاده أنه من خلال تقليل كمية الكالسيوم في المادة، فمن الممكن ليس فقط تقليل الانبعاثات، ولكن أيضًا جعل المادة أقوى.

يُستخدم الأسمنت على نطاق واسع في العالم، وكما تُظهر الدراسات، يُستخدم الأسمنت أكثر بثلاث مرات من الفولاذ. في الأسمنت العادي، يمكن أن تتقلب نسبة الكالسيوم إلى السيليكون من حوالي 1:1 إلى 2:1، مع اعتبار 1.7:1 هي النسبة الطبيعية. ومع ذلك، لم تُجرَ من قبل مقارنة تفصيلية للمادة بنسب مختلفة من التركيبات الجزيئية. وكما يُشير مؤلف الدراسة، فقد أنشأ هو وفريقه قاعدة بيانات شملت جميع التركيبات الكيميائية، وتمكنوا من تحديد أن النسبة المثلى، المُستخدمة حاليًا، هي 1.5:1.

كما أوضح الخبير، فإن تغيير النسبة يؤدي إلى تحسن البنية الجزيئية للمادة (من بنية بلورية محكمة التنظيم إلى بنية زجاجية فوضوية). بالإضافة إلى ذلك، وجد المتخصصون أنه عند استخدام نسبة 1.5 جزء من الكالسيوم وجزء واحد من السيليكون، يصبح الخليط أقوى بمرتين ويكتسب مقاومة أكبر للتلف.

وقد تم تأكيد كافة الاستنتاجات التي توصل إليها الخبراء من خلال عدد كبير من التجارب.

أثناء إنتاج الأسمنت، يُطلق ما يصل إلى 10% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي، ووفقًا للخبراء، سيؤدي تقليل كمية الكالسيوم في المادة إلى انخفاض كبير في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. ويؤكد العلماء أن انبعاثات الكربون ستنخفض بنسبة 60% عند إنتاج الأسمنت بكمية أقل من الكالسيوم.

يمثل هذا العمل الذي قام به المتخصصون نهاية خمس سنوات من العمل المشترك بين المتخصصين من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا والمركز الوطني للبحوث العلمية (CNRS)، مع رولاند بيلينج كرئيس للمشروع العلمي.

ويشير الخبراء إلى أن الصيغة الجديدة لإنتاج الأسمنت، بفضل قوته العالية ومقاومته لمختلف أنواع الأضرار الميكانيكية، قد تكون موضع اهتمام شركات الغاز والنفط، حيث يمنع الأسمنت التسربات والاختراقات من الأنابيب.

[ 1 ]، [ 2 ]