تكشف تقنية الخزعة السائلة فائقة الحساسية عن السرطان في وقت أبكر من الطرق القياسية

أظهرت طريقة قائمة على الذكاء الاصطناعي للكشف عن الحمض النووي للورم في الدم دقةً غير مسبوقة في التنبؤ بعودة السرطان، وذلك وفقًا لدراسة أجراها علماء في كلية طب وايل كورنيل، ومستشفى نيويورك-بريسبتيريان، ومركز نيويورك للجينوم (NYGC)، ومركز ميموريال سلون كيترينج (MSK). تتمتع هذه التقنية الجديدة بإمكانية تحسين علاج السرطان من خلال الكشف المبكر عن عودة السرطان، ومراقبة استجابة الورم للعلاج عن كثب.

في دراسة نُشرت في 14 يونيو/حزيران في مجلة "نيتشر ميديسن"، أظهر الباحثون قدرتهم على تدريب نموذج تعلّم آلي، وهو نوع من منصات الذكاء الاصطناعي، للكشف عن الحمض النووي للورم الدائر (ctDNA) استنادًا إلى بيانات تسلسل الحمض النووي من فحوصات دم المرضى بحساسية ودقة عاليتين للغاية. وقد أثبتوا نجاح هذه التقنية لدى مرضى سرطان الرئة، وسرطان الجلد، وسرطان الثدي، وسرطان القولون، وسلائل القولون ما قبل السرطانية.

قال الدكتور دان لاندو، المؤلف المشارك في الدراسة وأستاذ الطب في قسم أمراض الدم والأورام الطبية في كلية طب وايل كورنيل وعضو أساسي في مركز نيويورك للجينوم: "لقد تمكنا من تحقيق تحسن كبير في نسبة الإشارة إلى الضوضاء، مما يسمح لنا، على سبيل المثال، باكتشاف تكرار السرطان قبل أشهر أو حتى سنوات من الطرق السريرية القياسية".

كان الدكتور آدم ويدمان، وهو زميل ما بعد الدكتوراه في مختبر لاندو وأخصائي أورام الثدي في مركز ميموريال سلون كيترينج، أحد المؤلفين المشاركين والمؤلفين الرئيسيين للدراسة. ومن بين المؤلفين الرئيسيين الآخرين: مينيتا شاه من مركز نيويورك لسرطان الثدي، والدكتورة أماندا فرايدندال من جامعة آرهوس، ودانيال هالموس من مركز نيويورك لسرطان الثدي وكلية طب وايل كورنيل.

لقد كانت تقنية الخزعة السائلة بطيئة في تحقيق إمكاناتها الهائلة. فمعظم الأساليب الحالية تستهدف مجموعات صغيرة نسبيًا من الطفرات المرتبطة بالسرطان، والتي غالبًا ما تكون نادرة جدًا في الدم بحيث يصعب اكتشافها بدقة، مما يؤدي إلى التقليل من تقدير احتمالية عودة السرطان.

قبل عدة سنوات، طوّر الدكتور لاندو وزملاؤه نهجًا بديلًا يعتمد على تسلسل الجينوم الكامل للحمض النووي في عينات الدم. وأظهروا أن هذا النهج قادر على جمع "إشارات" أكثر بكثير، مما يُمكّن من الكشف عن الحمض النووي للورم بدقة أكبر وفعالية أكبر. ومنذ ذلك الحين، ازداد اعتماد مطوري الخزعات السائلة على هذا النهج.

وفي الدراسة الجديدة، ذهب الباحثون إلى أبعد من ذلك باستخدام استراتيجية متقدمة للتعلم الآلي (مشابهة لتلك المستخدمة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي الشائعة مثل ChatGPT) لاكتشاف الأنماط الدقيقة في بيانات التسلسل، وتحديدًا للتمييز بين الأنماط التي تشير إلى السرطان والأنماط التي تشير إلى أخطاء التسلسل و"الضوضاء" الأخرى.

في أحد الاختبارات، درّب الباحثون نظامهم، الذي أطلقوا عليه اسم MRD-EDGE، على التعرّف على طفرات الأورام الخاصة بكل مريض لدى 15 مريضًا بسرطان القولون. بعد الجراحة والعلاج الكيميائي، توقّع النظام، بناءً على بيانات الدم، أن تسعة منهم ما زالوا مصابين بالسرطان. لاحقًا، اكتُشفت عودة المرض لدى خمسة من هؤلاء المرضى باستخدام أساليب أقل حساسية بعد عدة أشهر. ولكن لم تكن هناك نتائج سلبية خاطئة: لم يعاود أيٌّ من المرضى الذين حُسبوا في نظام MRD-EDGE على أنهم خالين من الحمض النووي للورم خلال فترة الدراسة.

وأظهرت تقنية MRD-EDGE حساسية مماثلة في الدراسات التي أجريت على مرضى سرطان الرئة في مرحلة مبكرة وسرطان الثدي الثلاثي السلبي، حيث تمكنت من اكتشاف جميع حالات الانتكاس باستثناء حالة واحدة في وقت مبكر وتتبع حالة الورم أثناء العلاج.

وأظهر الباحثون أن تقنية MRD-EDGE قادرة حتى على اكتشاف الحمض النووي المتحور من أورام القولون الغدية السرطانية، وهي الأورام الحميدة التي تتطور منها سرطانات القولون.

وقال الدكتور لاندو، وهو أيضًا عضو في مركز ساندرا وإدوارد ماير للسرطان في كلية طب وايل كورنيل وأخصائي أمراض الدم والأورام في مركز نيويورك-بريسبتيريان/ويل كورنيل الطبي: "لم يكن من الواضح أن هذه الأورام الحميدة يمكن أن تطلق الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين القابل للكشف، لذا فإن هذا يمثل تقدمًا كبيرًا قد يشير إلى استراتيجيات مستقبلية للكشف عن التغيرات السرطانية السابقة".

وأخيرًا، أظهر الباحثون أنه حتى بدون تدريب مسبق على بيانات تسلسل الورم لدى المرضى، يمكن لـ MRD-EDGE اكتشاف الاستجابات للعلاج المناعي لدى مرضى سرطان الجلد وسرطان الرئة قبل أسابيع من اكتشافها باستخدام التصوير بالأشعة السينية القياسي.

وقال الدكتور لاندو: "بشكل عام، يعالج MRD-EDGE احتياجًا كبيرًا، ونحن متحمسون لإمكاناته ونعمل مع شركاء الصناعة لمحاولة توفيره للمرضى".