دراسة تكشف عن علامات صحية مهمة لدى الأفراد المعمرين

حققت دراسة حديثة أجراها معهد لايبنتس لأبحاث الوقاية وعلم الأوبئة (BIPS) تقدمًا ملحوظًا في تحديد المؤشرات الصحية المهمة لحياة طويلة وصحية. قادت الدراسة البروفيسورة كراسيميرا ألكسندروفا، بالتعاون الوثيق مع المعهد الألماني للتغذية البشرية في بوتسدام-ريبروك (DIfE)، وتوفر بيانات قيّمة حول الشيخوخة الصحية.

في دراسة نُشرت في مجلة Age and Ageing ، حللت ألكسندروفا وفريقها مجموعات محددة من العلامات الجزيئية التي تعكس عمليات بيولوجية مختلفة كمؤشرات محتملة للشيخوخة الصحية. ركز البحث على تحديد مجموعات محددة من العلامات الحيوية في الدم التي قد تساعد في التمييز بين الأشخاص الذين يعيشون حتى سن الشيخوخة بصحة جيدة وأولئك الذين يُصابون بأمراض مزمنة مثل داء السكري وأمراض القلب التاجية والسرطان.

توضح ألكسندروفا: "تشير نتائجنا إلى أن الأشخاص الذين يعيشون حتى سن الشيخوخة ويحافظون على سلامتهم من الأمراض المزمنة يتمتعون بمستويات مثالية من مجموعات معينة من الاختبارات الأيضية المرتبطة بحساسية الأنسولين والالتهابات طوال حياتهم". قد يشير هذا إلى وجود آلية وقائية عامة تقلل من خطر الإصابة بالأمراض المرتبطة بالعمر.

إن فهم هذه العلامات وعلاقاتها المعقدة سيساعدنا على تقييم التدابير الوقائية التي يتعين اتخاذها للوقاية من الأمراض المزمنة وتحسين نوعية الحياة في سن الشيخوخة بشكل أفضل.

منهجية البحث

جمعت الدراسة بيانات من مجموعة كبيرة من كبار السن المشاركين في دراسة EPIC-Potsdam (EPIC: دراسة أوروبية مستقبلية حول السرطان والتغذية). شملت الدراسة 27,548 مشاركًا تتراوح أعمارهم بين 34 و65 عامًا، جُنّدوا بين عامي 1994 و1998 في بوتسدام والمناطق المحيطة بها.

في بداية الدراسة، خضع جميع المشاركين لقياسات أنثروبومترية شاملة، وقدموا بيانات عن نمط حياتهم ونظامهم الغذائي. بالإضافة إلى ذلك، أُخذت عينات دم من 26,437 مشاركًا. وتمت متابعة هذه المجموعة لعدة سنوات، وجُمعت معلومات عن الأمراض المزمنة الجديدة كل سنتين إلى ثلاث سنوات.

للدراسة الحالية، شُكِّلت مجموعة فرعية مختارة عشوائيًا من 2500 شخص. استُبعد من هذه المجموعة المشاركون الذين يعانون بالفعل من أمراض معينة أو الذين لديهم تشخيصات غير واضحة، ليتبقى 2296 مشاركًا.

تم قياس 13 مؤشرًا حيويًا محددًا للدم لدى المشاركين باستخدام تحاليل وبروتوكولات مخبرية معتمدة. شملت هذه المؤشرات جزيئات تعكس استقلاب السكر والدهون، ووظائف الكبد والكلى، وحساسية الأنسولين، والالتهابات.

تحليل البيانات والنتائج

باستخدام نمذجة إحصائية مبتكرة، تمكن فريق البحث من تحديد عدة تركيبات من الجزيئات التي تميز مجموعات من الأشخاص فيما يتعلق بالشيخوخة الصحية. عرّفت الدراسة الشيخوخة الصحية بأنها بلوغ سن السبعين دون الإصابة بأي أمراض مزمنة مثل داء السكري، أو أمراض القلب التاجية، أو السرطان.

وجد التحليل أن الأشخاص الذين حافظوا على مستويات عالية من كوليسترول البروتين الدهني عالي الكثافة (المعروف باسم "الكوليسترول الجيد")، وهرمون الدهون أديبونيكتين، وبروتينات ربط عامل النمو الشبيه بالأنسولين 2، إلى جانب انخفاض مستويات الدهون الثلاثية، كانوا أكثر عرضة للعيش حتى سن الشيخوخة دون الإصابة بأمراض مزمنة مقارنةً بأقرانهم. تُبرز هذه النتائج الحاجة إلى فهم المسارات المعقدة التي تعكسها هذه المؤشرات الحيوية التي تُسهم في آليات الحماية التي تُؤدي إلى شيخوخة صحية.

توضح ألكسندروفا: "تُظهر نتائجنا أهمية دراسة توليفات من المؤشرات الحيوية المتعددة بدلاً من دراسة الجزيئات الفردية بمعزل عن بعضها البعض". وتضيف: "تُحوّل دراستنا التركيز من نتائج الأمراض الفردية إلى الصحة الشاملة في مرحلة الشيخوخة".

بدلاً من التركيز على الجزيئات والأمراض الفردية، نهدف إلى فهم المسارات البيولوجية المعقدة التي تعزز طول العمر الصحي. وينعكس هذا التحول النموذجي أيضًا في أنشطة شبكة أبحاث لايبنيز "الشيخوخة المستدامة"، التي يشارك فيها معهدنا.

"والأمر المهم هو أن الدراسة أظهرت أيضًا أن أنماط المؤشرات الحيوية الإيجابية قد تكون مدفوعة بسلوكيات فردية مثل الحفاظ على وزن صحي، وعدم التدخين، وتناول نظام غذائي متوازن - وخاصة تجنب الأطعمة المصنعة للغاية واللحوم الحمراء، بما في ذلك مجموعة واسعة من الفواكه والخضروات.

هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات التي تشمل مجموعة أوسع من المؤشرات الحيوية لفهم المسارات البيولوجية التي تساهم في الحفاظ على الصحة في سن الشيخوخة بشكل أفضل. وقد يؤدي هذا في النهاية إلى اقتراح لوحات المؤشرات الحيوية في الدم، والتي يمكن استخدامها لتحسين الوقاية ومراقبة الصحة.

وتسلط الدراسة الضوء على أهمية أسلوب الحياة النشط والصحي، وتشير إلى أنه قد يكون من الأفضل استخدام المؤشرات الحيوية كأدوات لتوجيه الأشخاص والعاملين في مجال الرعاية الصحية في مراقبة الصحة والوقاية من الأمراض المزمنة.

وبما أن المؤشرات الحيوية يمكن أن تتأثر بأسلوب حياتنا، فإليك 5 نصائح للشيخوخة الصحية:

1. تناول نظامًا غذائيًا متوازنًا: بالإضافة إلى تناول الكثير من الفواكه والخضراوات الطازجة والحد من الأطعمة المصنعة، فإن إضافة الدهون الصحية يمكن أن تساعد في رفع مستويات كوليسترول البروتين الدهني عالي الكثافة (HDL). على سبيل المثال، من المعروف أن أطعمة مثل الأفوكادو والمكسرات والأسماك الدهنية (مثل السلمون والماكريل) ترفع مستويات كوليسترول البروتين الدهني عالي الكثافة.
2. حافظ على نشاطك البدني: يُحسّن التمرين المنتظم الصحة الأيضية، ويمكن أن يزيد مستويات الأديبونيكتين، مما يُقلل الالتهاب ويُحسّن مقاومة الأنسولين. تشمل الأنشطة المُوصى بها المشي والجري وركوب الدراجات والسباحة.
3. الحفاظ على وزن صحي: يُعدّ الحفاظ على وزن صحي وخفض مستويات الدهون في الجسم أمرًا بالغ الأهمية للحفاظ على مستويات منخفضة من الدهون الثلاثية وتحسين الصحة الأيضية العامة. ويمكن تحقيق ذلك من خلال الجمع بين التغذية الصحية وممارسة النشاط البدني بانتظام.
4. تجنب التدخين: يؤثر التدخين سلبًا على مستويات الدهون في الدم والصحة العامة. الإقلاع عن التدخين أو تجنبه قد يساعد في تحسين مستويات البروتين الدهني عالي الكثافة (HDL) وغيرها من المؤشرات الحيوية المهمة.
5. اتخذ خطواتٍ لإدارة التوتر والقلق: قد يؤثر التوتر المزمن سلبًا على الالتهابات وعمليات الأيض. ممارسات بسيطة، مثل الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم، والمشي، وتقنيات كالتأمل واليوغا واليقظة الذهنية، يمكن أن تساعد في تقليل مستويات التوتر وتعزيز الصحة العامة.