يمكن أن تساعد مياه الصرف الصحي في زراعة الأشجار في الصحاري

تُسبب إزالة الغابات في أفريقيا التصحر، وهي مشكلة كبيرة، ويمكن لزراعة غابات جديدة أن تُساعد في حلها. لكن المشكلة الرئيسية تكمن في نقص المياه العذبة في المناطق الجافة، وهي ضرورية للري والنمو الطبيعي للشتلات.

في مصر، اقترح الخبراء حلاً مبتكراً لمشكلة أفريقية يؤكد أنه من أجل زراعة الأشجار والنباتات الأخرى في المناطق التي تعاني من ندرة المياه، ليس من الضروري إنشاء مصدر باهظ الثمن للمياه العذبة، بل استخدام نظام صرف صحي متكيف.

في تسعينيات القرن الماضي، أطلقت الحكومة المصرية برنامجًا لزراعة أنواع مختلفة من الأشجار قرب القاهرة. تضم هذه المزرعة الضخمة أشجارًا وشجيرات محلية ومستوردة، بما في ذلك بعض الأنواع النادرة والقيّمة. ولكن نظرًا لفقر التربة في المنطقة بالعناصر الغذائية ونقص المياه العذبة، اقترح الباحثون استخدام مياه الصرف الصحي للري، وهو ما أظهرته الدراسات، ويزود الشتلات بجميع العناصر الغذائية اللازمة، مما يُغني عن التسميد الإضافي.

تخضع مياه الصرف الصحي المُستخدمة للري لعدة مراحل من التنقية: في المرحلة الأولى، يُمررها المتخصصون عبر مرشحات ميكانيكية تزيل مختلف الملوثات، ثم يُشبعونها بالكائنات الدقيقة والأكسجين، مما يُحسّن تحلل المواد العضوية. في نهاية عملية التنقية، تُشبع مياه الصرف الصحي بمختلف العناصر الغذائية الموجودة في الأسمدة المتخصصة، مما يسمح باستخدامها في الري وتسميد التربة.

كقاعدة عامة، لا تُناسب هذه الطريقة جميع أنواع النباتات، فبعضها يحتاج إلى عناصر غذائية أقل أو أكثر، كما أن هناك خطر تلوث الفواكه والخضراوات ببكتيريا ضارة. ولكن في المناطق التي لا تتجذر فيها الأشجار إطلاقًا بسبب جفاف المناخ، تُعدّ هذه الطريقة بديلاً ممتازًا لإمدادات المياه العذبة التي تتطلب جهدًا بشريًا كبيرًا وباهظة الثمن.

يُجري فريق من المتخصصين من الجامعة المصرية أبحاثًا حول زراعة النباتات الخضراء في المناطق القاحلة منذ عدة سنوات. ووفقًا لهاني الكاتبة، الموظف في الجامعة التقنية بميونيخ، يُمكن الحصول على الخشب من أشجار الأوكالبتوس المزروعة في القاهرة أسرع بكثير من أشجار الصنوبر المزروعة في ألمانيا. ففي مصر، تتميز هذه الأشجار بحجمها الكبير، حيث يُمكن الحصول على حوالي 350 مترًا مكعبًا من الخشب من الهكتار الواحد ^في 15 عامًا، بينما في ألمانيا، يستغرق الحصول على نفس الكمية من الخشب من أشجار الصنوبر 60 عامًا. ويتعاون الكاتبة مع متخصصين من جامعة عين شمس، ويُجري معهم تجارب على زراعة النباتات الخضراء في المناطق القاحلة.

تجدر الإشارة إلى أن هذه الطريقة هي الخيار الأنسب لمصر. وحسب الخبراء، فإن 80% من مياه الصرف الصحي (أي ما يقارب 7 مليارات متر مكعب ^سنويًا ) ستساعد على زراعة أكثر من 600 ألف هكتار في الصحراء، وفي المستقبل، استخدام الأشجار لإنتاج الأخشاب.

[ 1 ]