قد تردع البكتيريا المعوية عن الإفراط في استهلاك الكحوليات

يزيد الإفراط في تناول الكحول بشكل ملحوظ من خطر الإصابة بإدمان الكحول. في دراسة نُشرت في مجلة ميكروبيوم ، وجد فريق من الباحثين من كلية الطب بجامعة كونيتيكت أن حمض الفاليريك، وهو مادة تنتجها بكتيريا الأمعاء، قلل من كمية الكحول المستهلكة لدى الفئران. تفتح هذه النتائج آفاقًا جديدة في البحث عن علاجات لإدمان الكحول.

يتميز الإفراط في الشرب بشرب كميات كبيرة من الكحول في فترة زمنية قصيرة، مما يؤدي عادةً إلى تركيز كحول في الدم بنسبة 0.08% أو أكثر. ووفقًا للمعهد الوطني لإدمان الكحول وإساءة استخدامه، فإن تناول أربع أو خمس مشروبات خلال ساعتين قد يؤدي إلى هذا المستوى من الكحول في الدم. وتشير الأبحاث إلى أن واحدًا من كل ثلاثة شباب أوروبيين وأمريكيين شماليين يتعاطون الكحول بإفراط، مما يزيد من خطر الإصابة بإدمان الكحول وغيره من الاضطرابات النفسية العصبية في المستقبل.

على الرغم من انتشار تعاطي الكحول وعواقبه الوخيمة، إلا أن العلاجات الدوائية الفعّالة محدودة. لا يوجد حاليًا سوى ثلاثة أدوية معتمدة من قِبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية لعلاج إدمان الكحول، وهي غير فعّالة لمعظم الناس.

أثارت بياناتٌ يانجياو تشو، عالمة الميكروبيوم في كلية الطب بجامعة كونيتيكت، اهتمامها، إذ تُظهر أن متعاطي الكحول بكثرة غالبًا ما يمتلكون أنماطًا مختلفة من الميكروبات في أمعائهم مقارنةً بمن لا يشربون بكثرة. تُنتج هذه الميكروبات المعوية، المعروفة باسم ميكروبيوم الأمعاء، مجموعةً مختلفةً من الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة (SCFAs). تُنتج هذه الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة بواسطة ميكروبيوم الأمعاء من خلال تخمير الألياف الغذائية غير المهضومة والبروتين. وقد طُرح افتراضٌ بأن مزيج الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة التي تُنتجها ميكروبات الأمعاء قد يؤثر على أنماط استهلاك الكحول.

لدراسة العلاقة المحتملة بين الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة والإفراط في تناول الكحول، استخدمت تشو وزملاؤها نموذج "الشرب في الظلام" لمدة أربعة أيام على الفئران، وهو نموذج يحاكي الإفراط في تناول الكحول لدى البشر. أُعطيت الفئران أنواعًا مختلفة من الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة في طعامها لمدة عشرة أيام.

سُمح للفئران بعد ذلك بشرب الكحول (٢٠٪ إيثانول ممزوج بالماء، بدون كوكتيلات) ليلًا لمدة أربع ليالٍ. تناولت الفئران حمض الفاليريك، دون أنواع أخرى من الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة، وشربت كحولًا أقل بنسبة ٤٠٪، وكانت مستويات الكحول في دمها أقل بنسبة ٥٣٪ من الفئران الأخرى. كما أظهرت هذه الفئران انخفاضًا في سلوك القلق.

يقول سوريش بوكوليا، باحث ما بعد الدكتوراه في مختبر تشو: "إن اكتشاف أن حمض الفاليريك يقلل من استهلاك الكحول أمر غير متوقع. تركيز حمض الفاليريك في الأمعاء أقل مقارنةً بالأحماض الدهنية قصيرة السلسلة الشائعة الأخرى، مثل الزبدات والأسيتات".

عندما دقق الفريق في كيفية تقليل حمض الفاليريك لاستهلاك الكحول، وجدوا أن الفئران التي تناولت مكملات حمض الفاليريك ارتفعت لديها مستويات حمض غاما أمينوبوتيريك (GABA)، وهي مادة كيميائية معروفة بتأثيرها المهدئ، في اللوزة الدماغية، وهي منطقة من الدماغ مرتبطة بالمزاج والسلوك الإدماني. كما وجدوا أن الجينات المسؤولة عن إنتاج الطاقة والنشاط المضاد للالتهابات كانت أكثر نشاطًا، بينما كانت الجينات المرتبطة بالاكتئاب أقل نشاطًا.

يقول تشو: "من المرجح وجود آليات متعددة لتفسير كيفية تقليل حمض الفاليريك لاستهلاك الكحول. لكن تأثيرات هذا المستقلب الميكروبي على التركيب الجيني للدماغ قد تكون قوية جدًا في تنظيم سلوك تعاطي الكحول".

تعاون مختبر تشو بشكل وثيق مع جون كوالت من مركز أبحاث الكحول بجامعة كونيتيكت، وجيسون بوبييه من مختبر جاكسون، وجيسيكا بارسون من جامعة دريكسل. ويختبر الباحثون الآن هذا النهج على نماذج فئران أخرى تحاكي إدمان الكحول بشكل أدق، لمعرفة مدى فعالية حمض الفاليريك في علاج إدمان الكحول لدى البشر.