بزغ فجر عصر جديد على الأرض

أعلن أعضاء اللجنة الدولية المعنية بدراسة تسلسلات الصخور عن بداية عصر جيولوجي جديد. جاء هذا التصريح في كيب تاون، جنوب أفريقيا، خلال المؤتمر الدولي للجيولوجيين. أُطلق على هذا العصر الجديد اسم "الأنثروبوسين"، وتتمثل سمته المميزة في سيطرة الأنشطة البشرية على جميع النظم البيئية على الأرض. في جوهره، كوكبنا عبارة عن سفينة فضائية ضخمة، والبشر على متنها هم طاقمها. إذا افترضنا أننا نعيش بالفعل على متن سفينة فضائية، فإن أي تدخل ممنهج في عمل أنظمة دعم الحياة فيها سيؤدي في النهاية إلى تحطمها. ووفقًا للعلماء، فإن عصر الأنثروبوسين هو بمثابة تحذير، ويجب أن يُذكرنا بالخطر.

لعقود، حذّر علماء الطبيعة من بداية عصر الأنثروبوسين، وهو حقبة جيولوجية وتاريخية جديدة يهيمن فيها البشر على الكوكب. ولتأكيد صحة هذه التوقعات، يستشهد العلماء بمعدلات الانقراض السريعة لمختلف أنواع الحيوانات، والتغيرات التي لا رجعة فيها في النظام البيئي لكوكبنا الناجمة عن الأنشطة البشرية.

على العكس من ذلك، يرفض الجيولوجيون مفاهيم من هذا النوع ويعتقدون أن أي تصرف بشري طوال فترة التطور بأكملها لا يمكن أن يغير الصخور في الأرض بشكل كبير بحيث يكون من الممكن في المستقبل تحديد بداية عصر جديد يمثل تطور البشرية.

في الجيولوجيا، تُقسّم العصور التاريخية إلى معيارين رئيسيين: آثار ملحوظة لتغيرات طويلة الأمد في صخور الأرض، وآثار لتغيرات عالمية قصيرة الأمد. ويتضح بزوغ حقبة جديدة من خلال الآثار الموجودة في صخور الأرض عند تقاطع العصرين الطباشيري والسينوزوي، حيث حُفظ أثر سقوط نيزك. وفي حدود هذه الحقبة، حدثت تغيرات مناخية عالمية على الكوكب، مما تسبب في انقراض حيوانات كبيرة، وخاصة الديناصورات.

وبحسب الجيولوجيين، لم تحدث تغيرات واضحة في صخور الأرض، ومن أجل الحديث عن تأسيس عصر جديد، من الضروري تحديد الحدث الذي سيمثل بداية عصر الأنثروبوسين.

وبحسب روايات مختلفة، فإن العصر الجديد ربما بدأ في بداية القرن السابع عشر، أي في منتصف الخمسينيات، وفي عام 1964.

وفي هذا الأسبوع، خلص الخبراء الذين يعملون على هذه القضية المعقدة إلى أن بداية العصر الجديد حدثت في الخمسينيات من القرن العشرين، عندما ربما ترك الغبار المشع الناجم عن تجارب الأسلحة النووية والانبعاثات الصناعية الملوثة للغلاف الجوي آثاراً جيولوجية كبيرة في صخور الأرض.

إذا قُبل افتراض العلماء، فإن مدة عصر الهولوسين السابق، الذي بدأ باستقرار مناخ الكوكب، ستبلغ حوالي 12 ألف عام فقط. وهذا بدوره قد يُثير جدلاً جديداً في الأوساط العلمية، بين ممثلي العلوم الطبيعية والجيولوجيين.

سيتم الاعتراف نهائيا ببداية عصر الأنثروبوسين بعد تقديم اقتراح رسمي إلى اللجنة الدولية للطبقات الأرضية والحصول على الموافقة النهائية من الاتحاد الدولي للعلوم الجيولوجية.

[ 1 ]