تم تخليق عقار فعال ضد فيروس نقص المناعة البشرية الكامن

تعمل أعضاء عائلة جديدة من الجزيئات النشطة بيولوجيًا والتي تسمى "بريولوجيستس" على تنشيط "خزانات" مخفية تحتوي على فيروس نقص المناعة البشرية الكامن والتي تجعل المرض غير قابل للوصول إلى الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية.

بفضل الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية، لم يعد تشخيص الإيدز حكمًا بالإعدام منذ ما يقرب من عشرين عامًا. في الوقت نفسه، لا يزال العلاج المضاد للفيروسات القهقرية عالي الفعالية (HAAT) لا يؤدي إلى شفاء تام. في الوقت نفسه، يجب على المرضى الالتزام الصارم بنظام منتظم لتناول الأدوية ذات الآثار الجانبية العديدة. وإذا كان الخضوع لمثل هذا الإجراء الطويل صعبًا (ماليًا)، على سبيل المثال، حتى في الولايات المتحدة الأمريكية، فإنه يكاد يكون مستحيلًا في الدول النامية.

تكمن المشكلة الرئيسية في VAAT في عدم قدرته على الوصول إلى الفيروس المختبئ فيما يُسمى بالمستودعات الفيروسية الأولية - الخلايا التائية، التي يختبئ داخلها فيروس نقص المناعة البشرية الخامل. حتى بعد تدمير جميع الجزيئات الفيروسية النشطة، فإن عدم تناول جرعة واحدة فقط من دواء مضاد للفيروسات القهقرية قد يؤدي إلى عودة الفيروس الخامل إلى نشاطه ومهاجمة الكائن المضيف فورًا، ويتوقف الدواء المستخدم حتى الآن عن العمل! حتى يومنا هذا، لم يتمكن أحد من تقديم علاج يمكنه بطريقة ما التأثير على فيروس نقص المناعة البشرية المختبئ في الخلايا.

لكن يبدو أن العلماء من مختبر بول ويندر في جامعة ستانفورد (الولايات المتحدة) قد اقتربوا من حل المشكلة.

قام الباحثون بتوليف مكتبة كاملة من مواد علم الأحياء الدقيقة، تعتمد بنيتها على مادة طبيعية نادرة. وكما هو موضح، تُنشّط المركبات الجديدة بنجاح مستودعات فيروس نقص المناعة البشرية الكامنة بكفاءة تعادل أو تفوق كفاءة النظير الطبيعي. ونأمل أن تُمكّن نتائج هذا العمل الأطباء أخيرًا من إيجاد أداة فعّالة للقضاء تمامًا على هذا الفيروس المزعج من الجسم. نُشر تقرير عن الدراسة في مجلة Nature Chemistry.

وقليلاً عن كيف بدأ كل شيء... استُلهمت المحاولات الأولى لإعادة تنشيط الشكل الكامن من فيروس نقص المناعة البشرية من ملاحظات "عمل" المعالجين من أرخبيل ساموا. بعد إجراء دراسة شاملة على لحاء شجرة المامالا، التي تنمو في ساموا وتُستخدم تقليدياً لعلاج التهاب الكبد، اكتشف علماء النبات العرقي أنها تحتوي على مكون نشط بيولوجياً، وهو البروستراتين. تُنشّط هذه المادة بروتين كيناز-سي، وهو إنزيم يُشكّل مسار إشارات ضروري لإعادة تنشيط الفيروس الكامن. وقد تبيّن لاحقاً أن البروستراتين ليس الجزيء الوحيد أو الأكثر فعالية القادر على الارتباط بالكيناز.

يُصنِّع الكائن البحري المستعمر "بوغولا نيريتينا" مُنشِّط بروتين كيناز-سي، وهو أكثر فعالية بكثير من البروستاتين. اعتقد العلماء أن هذا الجزيء، المسمى "بريوستاتين-1"، يتمتع بإمكانيات هائلة ليس فقط لمكافحة عدوى فيروس نقص المناعة البشرية، ولكن أيضًا لعلاج السرطان ومرض الزهايمر. وكان كل شيء ليسير على ما يُرام، لكن التجارب السريرية التي بدأت كانت قد أُجِّلت بسبب النقص الشديد في هذا الدواء الطبيعي. والحقيقة هي أنه للحصول على 18 غرامًا فقط من "بريوستاتين"، يلزم معالجة 14 طنًا من الكائن الحي "بوغولا نيريتينا". وقد قرر المعهد الوطني للسرطان، الذي أجرى التجارب، الانتظار حتى تطوير طريقة متاحة للحصول على نظير اصطناعي.

تولى الفريق العلمي للبروفيسور فيندر، الذي سبق أن طُوّر في مختبره تخليق البروستاتين ونظائره، مهمة ابتكار طريقة للحصول على البريوستاتين. ونتيجةً لذلك، تمكّن العلماء من تقديم نهج فعّال للغاية لتخليق البريوستاتين وستة نظائر له غير موجودة في الطبيعة. وقد أظهرت الاختبارات المعملية التي أُجريت على عينات خاصة من الخلايا المصابة أن البريوستاتين ونظائره أكثر فعالية من البروستاتين بما يتراوح بين 25 و1000 مرة. كما أظهرت التجارب التي أُجريت على نماذج حيوانية خلوّها التام من أي آثار سامة.