لماذا ننام عندما نذهب إلى العمل أو الدراسة؟

جميعنا نمر بأيام نستيقظ فيها بنشاط، بعد نومٍ عميق، ونسير إلى العمل أو المدرسة بشحنةٍ هائلة من الطاقة. نحظى بقسطٍ كافٍ من الراحة، ونشعر بدفعةٍ من النشاط، وصحتنا ممتازة، والابتسامة لا تفارق وجوهنا. ثم نأتي إلى المكتب أو الفصل، وبعد بضع ساعات نبدأ بالتثاؤب والتمدد، وتشعر أجفاننا بالإرهاق. ورغم الراحة الطويلة، نشعر بأن طاقتنا تتلاشى تدريجيًا، والرغبة الوحيدة التي تدور في رؤوسنا هي الاستلقاء وقيلولة، أينما كنا.

من المؤكد أن هذا الوضع مألوف لدى كثيرين، لكن أسباب هذا التحول ليست واضحة.

اتضح أن السبب هو ارتفاع مستوى ثاني أكسيد الكربون المتراكم في المكاتب والفصول الدراسية، مما يؤثر على أدائنا واهتمامنا وتركيزنا.

مصدر ثاني أكسيد الكربون هو الشخص نفسه. يصل تركيزه في الهواء الطلق إلى 380 جزءًا في المليون، بينما يصل إلى 1000 جزء في المليون في الأماكن المغلقة. في القاعات المزدحمة، قد يصل تركيز ثاني أكسيد الكربون إلى 3000 جزء في المليون. ويُشكل تشبع الهواء بما يصل إلى 5000 جزء من ثاني أكسيد الكربون تهديدًا خطيرًا لصحة الإنسان، شريطة بقائه في الداخل لأكثر من ثماني ساعات.

إن استنشاق ثاني أكسيد الكربون على المدى الطويل لا يؤثر على صحتنا فحسب، بل يجعلنا نشعر بالتعب ويستنزف طاقتنا، بل قد يتداخل أيضًا مع قدرتنا على اتخاذ القرارات الجيدة والتفكير الاستراتيجي.

قام باحثون من جامعة ولاية نيويورك ومختبر لورانس بيركلي الوطني بفحص تأثيرات جرعات مختلفة من ثاني أكسيد الكربون على الناس.

استعان الباحثون بـ 22 بالغًا، معظمهم طلاب، للمشاركة في التجربة، وقسموهم إلى ست مجموعات. وُضعت كل مجموعة في غرفة منفصلة، حيث مكثوا لمدة ساعتين ونصف. كانت تركيزات الغاز كما يلي: 600 جزء في المليون، و1000 جزء في المليون، و2500 جزء في المليون. بعد تناول "الجرعة"، خضع جميع المشاركين لاختبار حاسوبي، حلل العلماء من خلاله الإجابات التي تلقوها.

تبيّن أن هذه المستويات من تركيز ثاني أكسيد الكربون لا تُشكّل خطرًا على صحة الإنسان، إلا أنها تؤثر سلبًا على قدراته العقلية. لذلك، أظهر المشاركون الذين كانوا في غرفة ذات مستوى ٢٥٠٠ جزء في المليون أسوأ النتائج.