علماء يصنعون أنسجة رئة حية مطبوعة بتقنية ثلاثية الأبعاد

نجح باحثون في جامعة كولومبيا البريطانية أوكاناجان في تطوير نموذج مطبوع حيويًا ثلاثي الأبعاد يحاكي عن كثب تعقيد أنسجة الرئة الطبيعية - وهو ابتكار يمكن أن يغير الطريقة التي يدرس بها العلماء أمراض الرئة ويطورون علاجات جديدة.

يقول الدكتور إيمانويل أوسي، الأستاذ المشارك في كلية العلوم في إيرفينج ك. باربر، إن النموذج ينتج أنسجة تشبه إلى حد كبير تعقيد الرئة البشرية، مما قد يحسن اختبار أمراض الجهاز التنفسي وتطوير الأدوية.

"لكي نتمكن من إجراء أبحاثنا والاختبارات التي نحتاج إلى إجرائها، حيث ندرس آليات أمراض الرئة المعقدة للعثور في نهاية المطاف على أهداف دوائية جديدة، نحتاج إلى أن نكون قادرين على إنشاء نماذج قابلة للمقارنة بالأنسجة البشرية"، كما يقول.

استخدم فريق الباحثين حبرًا حيويًا مصنوعًا من الجيلاتين المعدل بالبوليمر الحساس للضوء وبوليمر يسمى بولي إيثيلين جليكول ثنائي أكريلات لطباعة هلام ثلاثي الأبعاد يحتوي على أنواع متعددة من الخلايا والقنوات لإعادة إنشاء البنية الوعائية للمجرى الهوائي البشري.

وبمجرد طباعتها، يتصرف الهيدروجيل بشكل مشابه جدًا للبنية الميكانيكية المعقدة لأنسجة الرئة، مما يحسن الطريقة التي ندرس بها كيفية استجابة الخلايا للمحفزات.

يقول الدكتور أوسي، الذي يعمل أيضًا مع مركز ابتكارات القلب والرئة بجامعة كولومبيا البريطانية: "كان هدفنا إنشاء نموذج مختبري أكثر ملاءمة من الناحية الفسيولوجية للمجرى الهوائي البشري. فمن خلال دمج المكونات الوعائية، يُمكننا تحسين نمذجة بيئة الرئة، وهو أمر بالغ الأهمية لدراسة الأمراض واختبار الأدوية".

وأوضح الدكتور أوسي أنه عندما يتم تشخيص إصابة شخص ما بسرطان الرئة، يمكن للجراح - بموافقة المريض - إزالة المنطقة المصابة مع بعض أنسجة الرئة الطبيعية والتبرع بهذه العينات للباحثين.

ومع ذلك، لا يملك الباحث سيطرة على كمية الأنسجة التي يتلقاها، كما يوضح. "أحيانًا، قد تكون مجرد قطعة صغيرة من الأنسجة تُحضر إلى المختبر وتُعالج بمواد كيميائية مختلفة للاختبار. أما الآن، ومع الطباعة الحيوية ثلاثية الأبعاد، فيمكننا عزل الخلايا من أنسجة المتبرعين، وربما إعادة إنتاج أنسجة إضافية وعينات اختبار لإجراء الأبحاث في مختبراتنا دون الاعتماد على عينات جديدة من المتبرعين."

قال الدكتور أوسي إن العديد من أمراض الرئة غير قابلة للشفاء حاليًا، بما في ذلك مرض الانسداد الرئوي المزمن (COPD)، والربو، والتليف الرئوي مجهول السبب، والسرطان. وتُعد القدرة على إنشاء نماذج للاختبار خطوةً مهمةً إلى الأمام في أبحاث أمراض الجهاز التنفسي وتطوير الأدوية.

وتُعد الدراسة، التي نُشرت في مجلة التكنولوجيا الحيوية والهندسة الحيوية بالتعاون مع Mitacs وبدعم من Providence Health Care، خطوة نحو فهم جوانب أمراض الرئة مثل التندب والالتهاب وقد تؤدي إلى علاجات مستقبلية لمجموعة متنوعة من الأمراض.

ووصفت الورقة الاختبارات بما في ذلك تعريض نموذج ثلاثي الأبعاد مطبوع بيولوجيًا لمستخلص دخان السجائر، مما سمح للباحثين بملاحظة زيادة في السيتوكينات المؤيدة للالتهابات، وهي علامات على استجابة أنسجة الرئة الالتهابية للنيكوتين.

ويقول الدكتور أوسي: "إن حقيقة أننا تمكنا من إنشاء هذا النموذج ثم استخدام محفزات محددة، مثل دخان السجائر، لإظهار كيفية استجابة النموذج لجوانب أمراض الرئة وتقليدها هي خطوة مهمة إلى الأمام في فهم الآليات المعقدة لأمراض الرئة وسوف تساعدنا على فهم كيفية علاجها".

"نموذجنا معقد، ولكن نظرًا لإمكانية إعادة إنتاجه وطبيعته المثالية للطباعة الحيوية، يمكن تعديله عن طريق إضافة أنواع إضافية من الخلايا أو الخلايا المشتقة من مرضى محددين، مما يجعله أداة قوية للطب الشخصي ونمذجة الأمراض."

ويشير الدكتور أوسي إلى أن مواصلة هذا العمل يضع فريق البحث الخاص به في وضع فريد للتعاون مع زملاء من منظمات مثل مجموعة التميز البحثي لعلم المناعة في جامعة كولومبيا البريطانية، وشركات التكنولوجيا الحيوية، وأي شخص مهتم بتطوير النماذج الحيوية الاصطناعية.