"رئتا الكوكب" تتخلصان تدريجياً من الهواء النظيف

من المُسلَّم به عمومًا أن الضرر الرئيسي الذي يلحق بالبيئة يقع على عاتق المناطق المتقدمة والبلدان المُولِّدة لأكبر قدر من ثاني أكسيد الكربون. فهي تتحمل كامل المسؤولية عما يُسمى "الاحتباس الحراري". وقد أظهرت دراسة أجراها ممثلون عن جامعة إدنبرة أن اقتصاد المناطق الأقل نموًا لا يقل "ذنبًا". في الوقت نفسه، اقتربت ساعة الحساب: فمزارع الغابات الاستوائية، التي تُوصف بحق بأنها "رئة الكوكب"، تتوقف تدريجيًا عن تنقية الهواء وإطلاق الأكسجين.

تلعب الغابات دورًا أساسيًا في أكسجة الغلاف الجوي ودعم الحياة على كوكب الأرض. ويدقّ العلماء ناقوس الخطر، محاولين لفت انتباه المجتمع إلى المشكلة التالية: إن إنتاج الأكسجين وثاني أكسيد الكربون على الأرض حاليًا متساوٍ تقريبًا.

تتعرض مزارع الغابات لقطعٍ مُكثّف، وهو أمرٌ ضروريٌّ لتلبية الاحتياجات الزراعية ولتحديد مواقع مزارع الماشية. ومع ذلك، تُعدّ تربية الماشية المصدر الرئيسي لغاز الميثان، الذي يلعب دورًا محوريًا في التأثير على تغير المناخ. وبالمناسبة، فإنّ هذا التأثير أشدّ ضررًا على المناخ بعشرين مرة من ثاني أكسيد الكربون المعروف.

قدّر العلماء أن إزالة الغابات النشطة واستنزاف التربة قد أديا إلى زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في المناطق الاستوائية بنحو 20%. ولحسن الحظ، لا تزال هناك غابات سليمة قادرة على تعويض هذا العبء المتزايد، ولو بطريقة ما. بل إن فرط ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي يُسرّع نموها، إلا أن توقعات الخبراء للعقود القليلة القادمة ليست مُشجعة على الإطلاق.

تدعو جامعة إدنبرة إلى إجراء بحوث أكثر شمولاً حول هذه القضية في أقرب وقت ممكن. يقول الدكتور إد ميتشارد، قائد المشروع: "من الصعب التنبؤ بالتأثير المستقبلي للغابات الاستوائية على تغير المناخ. لا نعلم ما سيحدث للمناخ في المستقبل، ولا يمكننا الجزم بأن بعض الدول ستفي بجميع التزاماتها بالحفاظ على هذه الغابات. نأسف، لكن مشروعنا أظهر أن الغابات تفقد تدريجيًا قدرتها على مقاومة تغير المناخ، فهي لا تتوقف عن إطلاق الأكسجين فحسب، بل تُصبح أيضًا مصدرًا لغازات الدفيئة".

على مدى السنوات القليلة الماضية، تلقى العلماء أدلة على تغيرات مناخية جذرية بشكل شبه أسبوعي. ولا يكلّ الخبراء من لفت انتباه المجتمع إلى أن الوقت قد حان للتدخل العاجل والفعال لحل المشكلة. على سبيل المثال، سُجِّل بالفعل تغير في درجات حرارة بحر بارنتس، مما سيؤثر سلبًا عاجلًا أم آجلًا على القطب الشمالي بأكمله. وعلى الجانب الآخر، في أراضي أنتاركتيكا، تسارع ذوبان الجليد ثلاث مرات. هذه الحقائق لا تشير فقط إلى ارتفاع كبير في درجة حرارة الأرض، بل إنها تُنذر بفترات وشيكة من رياح الأعاصير القوية والفيضانات المدمرة الهائلة.

تم تقديم هذا المنشور بواسطة مجلة Nature.