كيف تتعرف على السرطان من الحمض النووي؟

لتحديد خطر إصابة الشخص بالسرطان، يُجرى اختبار للعلامات الورمية. يُطلق هذا المصطلح على البروتينات والببتيدات المميزة لمختلف أنواع الأورام الخبيثة. تظهر العلامات الورمية في الدم بالتزامن مع تكوّن الخلايا السرطانية الأولى. لكن هذه الدراسة، المُستخدمة حاليًا، لا تتميز بحساسية عالية وشمولية. قد يكون البحث عن الحمض النووي من الأورام الخبيثة هو الخيار الأمثل، وهو الأنسب. ولكن كيف يُمكن القيام بذلك؟

قبل ذلك بقليل، أُجريت تجربة علمية للكشف عن السرطان عن طريق فحص الدم: بالتزامن مع البحث عن الحمض النووي الخبيث، جرى البحث عن بروتينات السرطان. لكن مؤخرًا، اقترح متخصصون من جامعة ويسكونسن في ماديسون الكشف عن الحمض النووي الخبيث ليس عن طريق الطفرات (استبدال الحروف الجينية بأخرى أو إعادة ترتيب الجينات)، بل عن طريق حدوث خلل في جزيء الحمض النووي نفسه.

تُدمر جميع الخلايا، سواءً السرطانية أو السليمة، بشكل دوري، ويدخل الجزء الداخلي منها، مع الحمض النووي (DNA)، إلى مجرى الدم. تبدأ الكروموسومات الكبيرة، بمجرد خروجها من الخلية التالفة، بالانكسار. ومع ذلك، فإن مناطق انكسار الحمض النووي في الخلايا السليمة والسرطانية ليست متماثلة. الحمض النووي للخلية مُحشو دائمًا بالبروتينات. بعضها يُجمّع خيوط الحمض النووي الطويلة في "حزم" جزيئية أصغر، تُفكّ عند الضرورة لإزالة المعلومات من جزء من الجينوم. بروتينات أخرى مسؤولة عن قراءة البيانات، بينما تُصلح بروتينات أخرى الحمض النووي التالف، وهكذا. يعتمد تلف الحمض النووي الذي غادر الخلية على مدى توزيع تلك البروتينات نفسها عليها وعلى نشاط الجينات. اتضح أنه من خلال جزيئات الحمض النووي، يُمكننا تحديد الخلية التي ينتمي إليها، سواءً كانت طبيعية أو سرطانية. ليست هناك حاجة لتحليل جميع الأجزاء المتاحة: الأجزاء الطرفية فقط كافية.

أجرى العلماء فحوصات دم لأكثر من ألف شخص، من أصحاء ومرضى، بمن فيهم مرضى السرطان. قارن الباحثون الضرر الذي لحق بالحمض النووي خارج الخلية، وتأكّدوا من اختلاف الجسيمات الخبيثة عن تلك الموجودة لدى الأصحاء. إضافةً إلى ذلك، أتاحت كمية الحمض النووي المتضرر بالسرطان تحديد المرحلة التي وصل إليها الورم السرطاني. أثبتت الطريقة المُطوّرة حديثًا دقتها العالية، إذ كشفت عن العملية الخبيثة في أكثر من 90% من الحالات، مع تشخيص الأورام في مرحلتها الأولية لدى 87% من المرضى.

تكمن قيمة هذه الدراسة في أنها تُبيّن إمكانيات الكشف عن العملية المرضية بدقة عالية قبل ظهور أولى علامات الورم السرطاني بوقت طويل. إضافةً إلى ذلك، يُساعد هذا التحليل غالبًا في التوصل إلى تشخيص نهائي في الحالات التشخيصية السريرية المعقدة.

تستند هذه المقالة إلى مواد تم نشرها في مجلة ساينس.