اختبار جديد عبر الإنترنت يكشف عن داء المقوسات دون الحاجة إلى فحص دم

نجح فريق دولي من الباحثين في تطوير اختبار بسيط عبر الإنترنت يمكنه الكشف عن الإصابة بمرض داء المقوسات دون الحاجة إلى فحص دم، وهو ما يفتح الطريق أمام فهم أفضل لكيفية تأثير هذا الطفيلي الشائع على السلوك البشري.

قام الدكتور ميشيل جاراجناني من جامعة ملبورن، وكارلوس ألوس فيرير من جامعة لانكستر، وأنيا أتشيتزيجر من جامعة زيبلين بتطوير الاختبار، الذي يقيم وقت رد فعل الشخص لتحديد ما إذا كان مصابًا بالطفيلي الأولي توكسوبلازما جوندي، الذي يسبب داء المقوسات.

حتى الآن، الطريقة الوحيدة للكشف عن العدوى هي عن طريق اختبار الدم أو اللعاب.

"إذا كنت من حاملي العامل الريصي السلبي، فإن عدوى داء المقوسات الكامنة ستؤدي إلى إبطاء وقت رد فعلك بأقل من ثانية، وعلى الرغم من أن هذا الاختلاف بالكاد يمكن ملاحظته، إلا أنه يكفي بالنسبة لنا لتقييم ما إذا كنت تحمل هذا الطفيلي"، كما قال الدكتور جاراجناني.

وينتقل الطفيلي في أغلب الأحيان عن طريق براز القطط أو اللحوم النيئة الملوثة، ويصيب حوالي 30% من سكان العالم.

لا يشكل داء المقوسات خطرًا مباشرًا على الشخص السليم العادي، ويمكن للعديد منهم أن يعيشوا حياتهم بأكملها دون أن يعرفوا أبدًا أنهم حاملون للمرض.

ومع ذلك، تشير الأبحاث السابقة إلى أن الإصابة بداء المقوسات قد تؤدي إلى خلل في مستويات الدوبامين لدى بعض الأشخاص، مما يقلل من ضبط النفس ويجعلهم أكثر اندفاعًا ونفاد صبر وعرضة لاتخاذ قرارات محفوفة بالمخاطر.

قال الدكتور جاراجناني: "يؤثر داء المقوسات على كيمياء أعصابنا من خلال التأثير على تنظيم النواقل العصبية مثل الدوبامين والسيروتونين والأدرينالين، والتي هي المسؤولة أيضًا عن السلوك، بما في ذلك الخوف".

"عندما نأخذ في الاعتبار أن 2.4 مليار شخص في جميع أنحاء العالم مصابون بداء المقوسات، فهذا يمثل جزءًا كبيرًا جدًا من الاقتصاد العالمي الذي تتأثر قراراته، جزئيًا على الأقل، بالطفيلي."

ولتأكيد موثوقية اختبار وقت رد الفعل كأداة تشخيصية، أجرى الفريق تجربة سريرية لمقارنة الاختبار المقترح باختبار الدم التقليدي.

قام الباحثون بقياس أوقات رد فعل 79 مشاركًا من ذوي العامل الرايزيسي السلبي، وأظهرت النتائج أن اختبارهم الجديد دقيق بنسبة 97%. نُشرت الدراسة في مجلة أكتا سايكولوجيكا.

وقال الدكتور جاراجناني "إن اختبار وقت رد الفعل الذي أجريناه كشف عن إصابة داء المقوسات لدى 11 من المشاركين الـ12 الذين أجريت لهم فحوصات الدم التي أكدت الإصابة بالعدوى".

ثم قام فريق البحث بتجنيد 1010 أشخاص إضافيين من ذوي العامل الرايزيسي السلبي والذين أكملوا أيضًا اختبار وقت رد الفعل عبر الإنترنت.

وبناء على النتائج، قدر الفريق أن 18% من المشاركين مصابون بداء المقوسات.

وطُرح بعد ذلك على جميع المشاركين أسئلة حول حياتهم، بما في ذلك وضعهم الوظيفي والدخل السنوي.

وقال الدكتور جاراجناني: "أظهرت نتائج المسح أن المشاركين الذين تبين إصابتهم بداء المقوسات كانوا أكثر عرضة للبطالة بنسبة 10% وكانوا يكسبون أقل في المتوسط من أولئك الذين تبين أنهم غير مصابين".

"لقد وجدنا أيضًا أن المشاركين المصابين كانوا أكثر عرضة للتدخين وشرب الكحول والتعرض لمشاكل الصحة العقلية مثل القلق والتوتر والاكتئاب مقارنة بالمشاركين غير المصابين."

ورغم أن هذا الاختبار الجديد عبر الإنترنت لا يحل محل التشخيص الطبي، فإنه يمنح الباحثين القدرة على قياس التغيرات التي يمكن أن يسببها داء المقوسات في مجموعة سكانية بدقة.

وقال الدكتور جاراجناني: "ليس من العملي أو الاقتصادي جمع عينات دم كافية لدراسة التأثيرات السلوكية لداء المقوسات على نطاق واسع".

"في حين لا يوجد علاج معروف لداء المقوسات، فإن طريقتنا الجديدة تمنح العالم طريقة لفهم عدد المصابين به، وكيف يؤثر ذلك على سلوكنا، وما هي الخطوات التي يمكننا اتخاذها لإدارة العواقب."